
مع توقعات باستمرار ارتفاع الفائدة في الكويت هذه السنة، وسط سياسة متشددة للفيدرالي الأميركي، هناك رابحون وخاسرون من الدورة الاقتصادية الجديدة التي يعيشها الاقتصاد الكويتي كما الاقتصادات العالمية، وكان بنك الكويت المركزي رفع الفائدة بـ 0.25%، وهي النسبة نفسها التي طبقها الفيدرالي الأميركي، ليصل سعر الخصم في الكويت إلى 1.75%.
في حالة الفائدة المصرفية، هناك دائما طرفان بالمعادلة: المقترض والمودع، لذا فإن رفع الفائدة ينتقل تأثيره مباشرة على القروض، بينما يتم احتساب الفائدة على الودائع بعد ذلك بفارق زمني حسب آجال الودائع، ويعني ذلك بالنسبة للشركات المقترضة بشكل كبير بأن هناك ارتفاعا في تكلفة التمويل. أما للشركات التي تملك معدلات سيولة مرتفعة، فارتفاع الفوائد فرصة للاستفادة من تلك السيولة وإيداعها للحصول على فائدة مرتفعة اذا لم تتوافر فرصة بديلة بعوائد أعلى. أما بالنسبة للبنوك، فهي تعني زيادة في إيرادات الفوائد وصافي الدخل من الفائدة.
نمو إيرادات البنوك
وكانت البنوك الكويتية توقعت على لسان المدراء الماليين خلال المؤتمرات التحليلية الأخيرة عن استفادتها من رفع الفائدة، حيث تدفع الزيادة بربع نقطة مئوية واحدة أرباح البنوك إلى الارتفاع (على أساس الأرباح السنوية للعام 2021 وتوقعات المدراء الماليين للبنوك) بنحو 6% على مدار 12 شهرا.
يذكر أن البنوك الكويتية سجلت أرباحا سنوية عن العام 2021 بلغت قيمتها 881 مليون دينار لتحقق قفزة كبيرة بلغت 93% على أساس سنوي. وتأتي تلك الزيادة الكبيرة بالأساس إلى التراجع الكبير في المخصصات التي انخفضت بنحو 44% على أساس سنوي لتصل إلى 564 مليون دينار.
لكن، على الجانب الآخر، تتأثر البنوك سلبا في حالة تأثر النشاط الاقتصادي برفع الفوائد، حيث قد يؤثر ذلك على نمو الائتمان، كما يؤثر رفع الفائدة سلبيا على أداء البورصة نتيجة عزوف المستثمرين عن الاستثمار في الأسهم لصالح الودائع مرتفعة العائد، كما تتأثر قيمة ضمانات البنوك من الأسهم المرهونة والتي تتراوح قيمتها حول 1.5 مليار دينار.
منافسة الاستثمار العقاري
ويتأثر عائد العقار سلبا برفع الفائدة، حيث تصبح عوائد ودائع البنوك متقاربة، مع أن العقار هو أحد الأصول الاستثمارية الأكثر أمانا مقارنة بباقي الأصول من الأسهم وغيرها، وفي ظل ثبات سعر صرف الدينار الكويتي مقابل العملات الأجنبية، يعتبر رفع الفائدة على الودائع منافسا قريبا لعائد الاستثمار العقاري خاصة في حالة ثبات قيمة الأصول، وبلغت قيمة التداولات العقارية بالكويت خلال الربع الثالث من 2021 وصلت الى حاجز 1.2 مليار دينار، وما زالت تفوق مستويات قبل أزمة كورونا، وتعد خامس أعلى قيمة خلال 12 عاما مضت، مدفوعة بمستوى طلب مرتفع في التداولات العقارية، كما سجلت تداولات السكن الخاص قيما استثنائية، مع ارتفاع كبير لقيمة العقارات الاستثمارية على الرغم من استقرار الأسعار مقارنة بالربع الثاني مع وجود طلب متزايد على بعض الأراضي والمواقع المتميزة، وذلك وبحسب تقرير صادر عن بيت التمويل الكويتي.
تباين أداء أسهم البورصة
الأسهم مثلها كباقي الأصول المالية والأوعية الاستثمارية تتأثر سلبا بارتفاع أسعار الفائدة بسبب زيادة جاذبية الودائع كأصل استثماري منافس وجاذب للاستثمارات من ناحية، ومن جهة أخرى بسبب ارتفاع تكلفة التمويل على الشركات التي قد تؤثر على أرباحها، ولكن بالنظر إلى الشركات المدرجة، يتباين التأثير حيث تستفيد أسهم البنوك من ارتفاع الفائدة، فيما يزداد التأثير السلبي على الشركات التي تعتمد على الديون في تمويل عملياتها التشغيلية، ومنذ بداية العام ارتفعت كل مؤشرات بورصة الكويت بدعم من النتائج المالية السنوية الإيجابية وتحسن البيئة التشغيلية في ظل تخفيف القيود بسبب جائحة كورونا وارتفاع مستوى الثقة في السوق في ظل ارتفاع أسعار النفط وتحسن الميزانية العامة للدولة.
النمو ومخاطر التضخم
ورفع الفائدة يهدف لخفض التضخم في الغالب، لذلك قد تعقبه آثار سلبية في الحد من قدرة الاقتصاد على النمو بسبب رفع تكلفة التمويل على الشركات التي تعاني في نفس الوقت من ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج والنقل والعمال، ولكن الجانب الأكبر من التضخم يرجع إلى نقص إمدادات المعروض من السلع بسبب تداعيات جائحة كورونا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم، وأثر ذلك السلبي على سلاسل التوريد وتكلفة النقل، إضافة إلى الارتفاع القياسي في أسعار النفط والتي تزيد من تكلفة الإنتاج والنقل معا، ما يعني أنه وفي حالة تراجع حدة تلك التوترات وتأثيراتها قد ينخفض التضخم لعدم ارتباطه بشكل كبير بنمو الطلب، ولكن الأوضاع في الكويت قد تكون مختلفة في ظل التخوف من زيادة الطلب مع ضخ سيولة إضافية كبيرة في السوق بعد صرف نحو 600 مليون دينار مكافآت الصفوف الأمامية، ومؤخرا صرف 590 مليون دينار لصالح المتقاعدين ما قد يزيد من الطلب على السلع ويخلق سببا إضافيا للتضخم لكنه مرتبط تلك المرة بالطلب.