تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام باليوبيل الذهبي لليوم الوطني، والذي يصادف 2 من ديسمبر من كل عام، في ظل مسيرة انجازات كبيرة تسابق الزمن نحو المستقبل بخطى ثابتة.. لعل عنوان «الخمسين الماضية وختامها مسك..» تلخص جانباً من هذه المسيرة، حيث اكتسبت الإمارات مكانة عالمية راسخة، متسلحة بطموحات عانقت الفضاء، فأصبحت مثالاً للتطور والتقدم في الخليج والوطن العربي.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) ان الثاني من ديسمبر هو يوم خالد في تاريخ الامارات كونه شهد ميلاد دولة الاتحاد المباركة بقيادة الفقيد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) واخوانه حكام الامارات الذين وضعوا حجر الأساس لنهوض دولة قوية تلتحم فيها القيادة والشعب تحت راية الوطن الواحد.
وأضافت الوكالة ان الامارات التي تنتقل بثبات وثقة بين مرحلة تاريخية وأخرى تطوي اليوم خمسة عقود من تاريخها وتفتح صفحة خمسينية جديدة تعد خارطة طريق لوطن يتطلع الى الارتقاء فوق أعلى قمم التنافسية العالمية في مجالات التنمية المستدامة كافة.
وأوضح البيان ان الاحتفال سيشمل عرضا مذهلا يسلط الضوء على الروابط العميقة بين الناس والطبيعة والتكنولوجيا وستأخذ التجربة المسرحية العائمة والتي ستقام في (سد حتا) في أحضان جبال الحجر المشاهدين في رحلة عبر تاريخ الأرض من الفترة التي سبقت الاتحاد الى ال50 عاما التي تلتها.
وأضاف ان العرض سيسلط الضوء من خلال السرد القصصي الابداعي والفني على انجازات الحاضر ويقدم لمحة فريدة عن المستقبل الواعد.
وتتميز مدينة (حتا) التي يعود تاريخها الى اكثر من ثلاثة آلاف عام بوفرة المناظر الطبيعية فيها ابرزها الجبال الشاهقة الى جانب كونها مركزا استراتيجيا وطريقا تجاريا للقوافل والمسافرين في الماضي.
مسيرة غنية
من جانبها، استعرضت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في تقرير بالمناسبة، المسيرة الغنية بالإنجازات، وجاء فيه:
وقالت: منذ إنشاء الدولة في العام 1971 وإنشائها من بين أهم المؤسسات الدستورية في دولة الإمارات، جسّدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي مقومات المجتمع الإماراتي فكانت ولا تزال نافذته على العالم والعين الساهرة على مواطني الدولة في الخارج، يُنشر من خلالها فكر ورؤية القيادة الإماراتية، التي تؤكد على قيم الإخاء الإنساني، وتدعو دائما إلى رفع المعاناة عن الإنسان بصرف النظر عن جنسه أو دينه، مشددة على ضرورة تعميق قيم السلام العالمي وحل النزاعات بالحوار وبالطرق السلمية.
وتسير دولة الإمارات على مبدأ تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في مختلف أرجاء المنطقة والعالم منذ قيامها في الثاني من ديسمبر من العام 1971، متخذةً من هذا المبدأ بعداً أساسياً في سياسة الإمارات العربية المتحدة الخارجية، وهو المبدأ الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وتسير على خطاه القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله في التأكيد على هذا البعد وتعميقه وتطويره عبر مساهمات جليلة قامت بها دولة الإمارات على مختلف الصعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية، مستلهمةً هذه السياسات من فكر وشيم وأخلاق حكام دولة الإمارات، التي تتسم بالسماحة وروح الإخاء والمحبة ومراعاة حكم الجوار .
وتأسست دولة الإمارات على قيم التسامح والسلام التي غرسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) وكانت استراتيجيته تقوم على إظهار الصداقة تجاه جميع الثقافات والشعوب، وتعزيز قيم الإسلام المعتدل والعمل من أجل تعاون متبادل في المنفعة مع جميع الدول لتحقيق الاستقرار العالمي.
وتنعكس اليوم رؤية المغفور له التاريخية في بناء دولة مزدهرة وقائمة على التسامح، حيث تستضيف دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية، وهي موطن لأكثر من 40 كنيسة ومكان للعبادة، بالإضافة إلى العديد من مراكز التعليم والثقافة ذات المستوى العالمي، مثل جامعة السوربون أبوظبي، وجامعة نيويورك ومتحف اللوفر في أبوظبي. وهذا خير دليل على أن قيم التسامح والحرية الدينية والاحترام المتبادل التي دعمها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" متأصلة في جذور الشعب الإماراتي.
«ابنة الإمارات» شريكة
سجلت دولة الإمارات خلال عامي 2020 و2021 إنجازات في مجالات عدة على المستوى الوطني كما على المستويين الإقليمي والدولي وكانت المرأة الإماراتية في المقدّمة، شريكة في مسيرة تنموية تحصد النجاحات بعزيمة لا تضاهى.
وشكّلت المرأة الإماراتية جزءاً أصيلاً في أبرز الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات خلال الفترة الماضية، تشهد على حجم الحضور الفاعل الذي تسجله ابنة الإمارات في شتّى الميادين حيث برهنت على حجم القدرات والكفاءات التي باتت تؤهلها لتولي قيادة وإدارة أهم المشاريع الحيوية، وأبرزها في قطاعات العلوم المتقدمة والفضاء والطاقة والصحة والتي تمثلت في وصول «مسبار الأمل» إلى مدار كوكب المريخ، وبداية التشغيل الناجح والآمن لأولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية، فضلاً عن نجاحها وريادتها في مجال جهود التصدي لفيروس كورونا المستجد محلياً وعالمياً.
كما شكّل دور المرأة الإماراتية منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" جزءاً لا يتجزأ من منظومة العمل الوطني، لتتضافر الجهود على المستويين الوطني والدولي من أجل احتواء تداعيات هذا الوباء. ومنذ بداية تفشّي وباء كورونا حول العالم، أثبتت المرأة الإماراتية دورها المتميز في صفوف خط الدفاع الأول وكان دورها محورياً في نجاح منظومة العمل عن بُعد، وبذلت قصارى الجهود في حماية ورعاية جميع أفراد أسرتها خلال هذه الأزمة. كما برز حضورها اللافت في ميدان العمل التطوعي منذ بداية انتشار الفيروس، فساهمت في تقديم الدعم والمساندة لجميع الفئات المتضررة.
وتشغل المرأة الإماراتية حالياً مناصب دبلوماسية مختلفة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، حيث تمثل نسبة السيدات الإماراتيات إلى الذكور من مواطني دولة الإمارات في الوزارة 42.5%. ويشمل السلك الدبلوماسي الإماراتي عشرة سيدات من بنات الإمارات كسفيرات بالإضافة إلى قنصل عام تمثّلن الدولة ووجهها الحضاري المشرق في الخارج.
الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية
تهدف وزارة الخارجية والتعاون الدولي من خلال البعثات والسفارات وعلاقتها المتميزة مع دول العالم إلى جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف.
وتشكل هذه الجهود جوهر الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات التي تدعم في نهاية المطاف الاحتياجات طويلة الأجل للدولة التي تم تسليط الضوء عليها في إطار "رؤية 2021" و"رؤية مئوية الإمارات لعام 2071".
وتواصل دولة الإمارات العمل على خلق اقتصاد متنوع، مع الاستمرار في جني فوائد مواردها الطبيعية الوفيرة. وتلعب وزارة الخارجية والتعاون الدولي دوراً هاماً في ضمان استفادتها من الاتجاهات الاقتصادية العالمية من خلال تعزيز مكانة الدولة كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
دبلوماسية ما بعد الجائحة
وبينما نحتفل باليوبيل الذهبي، فإنّ المستقبل يؤكد أنّ دولة الإمارات ستمضي في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة. فقد سعت دولة الإمارات دائماً إلى بناء الجسور ولعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وعلى مدى السنوات المقبلة، ستعمل الدولة على تعزيز هذه الرؤية من خلال الاستمرار في القيام بدور إيجابي من خلال تعزيز التعاون، وحل الخلافات عبر الحوار والدبلوماسية والمشاركة البناءة.
وختامها.. مسك بداية جديدة
ولعلّ افتتاح إكسبو 2020 دبي في اليوم الأول من أكتوبر 2021 هو مسك الختام لعقد شهد جهود جبّارة من فريق عمل وزارة الخارجية والتعاون الدولي جعلت من الحدث رمزاً لبداية الخمسين سنة القادمة فوضعها تحت عنوان الاستدامة. إذ لم يسبق أن استضافت نسخة من الحدث الدولي على مدار تاريخه هذا العدد الضخم من الدول وجمعت هذا الكم الهائل من الثقافات، للعمل معاً في سبيل تحقيق الكثير من الخير للكثير من الناس. واجتمع العالم في دولة الإمارات ليرسم مسار المستقبل وليصبح يداً واحدة فيصنع فارقاً في جودة الحياة للأجيال القادمة.