أسعار سعر برميل النفط البرنت ارتفعت إلى ٨٢ دولار في لندن رغم الأوضاع الجيوسياسية الشديدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط وفي البحر الأحمر نتيجة الحرب الإسرائيلية في غزة .
منذ بداية الحرب في أكتوبر تقلبت أسعار النفط صعودا ولكنها لم تصل إلى المئة الدولار وذلك بسبب ارتفاع معتدل لنمو الطلب على النفط .
فتوقعات زيادة النمو تبلغ مليون ونصف برميل في اليوم الى ١٠٣،٥ مليون برميل في اليوم في ٢٠٢٤ .
قرار أرامكو الشركة السعودية العملاقة بالعدول عن زيادة قدرتها الإنتاجية الزائدة الى ١٣ مليون برميل قد يكون أيضا مبني على تراجع الطلب على المدى الطويل، فالسعودية حاليا ونظرا للتخفيضات الإنتاجية التي قررتها تنتج ٩ مليون برميل في اليوم من النفط نسبة لقدرتها الإنتاجية التي تبلغ حاليا ١٢ مليون برميل في اليوم.
سياسة المملكة تقليديا هي الحفاظ على حوالي مليونين من طاقة زائدة نائمة إذا كان هناك حاجة لزيادة الإنتاج .
كانت المملكة قررت زيادة الطاقة الإنتاجية إلى ١٣ مليون برميل بخطة استثمارية تبلغ مليارات الدولارات لتوقعاتها بزيادة الطلب على المدى الطويل.
لكن نظرا لتخفيض هذه التوقعات ومتطلبات البيئة التي التزمت بها المملكة في مؤتمر COP28 فضلت الحكومة السعودية توفير هذا الاستثمار والبقاء على الطاقة الإنتاجية الزائدة الكافية في هذه المرحلة . ارتفعت أسعار النفط نتيجة هجوم الحوثي على الناقلات النفطية العالمية التي تمر عبر باب المندب في البحر الأحمر وقصفها بالمسيرات من اليمن .
لكن بقي ارتفاع الأسعار إلى أقل من ١٠٠ دولار للبرميل لأن العرض من دول خارج أوبك خصوصا الولايات المتحدة قد زاد بشكل ملموس .
فالولايات المتحدة عززت موقعها في ٢٠٢٣ كالمنتج العالمي الأول للنفط وسبقت منافستها روسيا مع إنتاج بلغ السنة الماضية ١٣،٢ مليون برميل في اليوم ليصل إلى ١٣،٤ مليون برميل في اليوم في ٢٠٢٥ وذلك حسب الإدارة الأمريكية للمعلومات EIA، ففي السنة الماضية بلغ انتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة مستوى قياسي بعد أن زادت إنتاجها خلال سنة بمليون برميل في اليوم بفضل النفط الصخري .
منذ الرئيس باراك أوباما عمل رؤساء امريكا من أجل تشجيع انتاج النفط الصخري حتى الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان التزم خلال حملته الانتخابة بنقل بلده إلى خارج الصناعة النفطية وقد فرض قيود على بعض المشاريع في السكا Alaska وفي البحر ولكنه دعا الشركات النفطية الاميريكية إلى رفع انتاجها من اجل التصدي لارتفاع الأسعار .
رئيس شركة Pioneer Natural Resources أكبر شركة منتجة في تكساس التي اشترتها اكسون في ديسمبر الماضي توقع ان يصل الإنتاج الامريكي الى ١٥ مليون برميل في اليوم في غضون خمس سنوات . فهذه الزيادة الامريكية مع تراجع في مستوى الطلب حالت حتى الآن دون تجاوز سعر برميل النفط ١٠٠ دولار رغم التوتر في البحر الأحمر والمواجهة بين الولايات المتحدة ووكلاء إيران في المنطقة التي أدت الى قتل ثلاث جنود اميريكيين في الأردن . تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وفي البحر الأحمر تبقي أسواق النفط متقلبة خصوصا ان ثلث تجارة النفط العالمية هو عبر البحر . فعدد من أصحاب الناقلات غيروا مسار ناقلاتهم الى طريق أطول من بينهم قطر المصدر الأساسي للغاز الى آسيا . خلال ٢٠٢٣ تراجع مستوى الطلب في الصين لكن نمو الطلب الصيني هو الذي سيبقى أساس النمو في الطلب على النفط في ٢٠٢٤ . لاشك أن التوتر في البحر الأحمر والهجوم الحوثي المستمر على الناقلات أثر نظرا إلى أن ١٠ في المئة من تجارة النفط العالمية هي عبر البحر أي ان ٧،٢ مليون برميل في اليوم من النفط ومنتوجاته و٨ في المئة من تجارة الغاز الطبيعي المسال مروا في ٢٠٢٣ من هذه الطريق البحرية عبر باب المندب في ٢٠٢٣ .
الآن هناك بعض الدول التي قررت اعتماد المرور عن طريق ممرافريقي Africa s Cape of Good Hope ما يجعل النقل أطول باسبوعين وتكاليف التأمين والشحن أعلى .
إن عدم توقع انقطاع في الامدادات رغم هذا التصعيد في التوترات في الشرق الأوسط يجعل ارتفاع أسعار النفط حاليا دون مستوى ال١٠٠ دولار لكن لا أحد يمكنه تكهن ماذا سيحدث خلال الأشهر القادمة على صعيد الجيوسياسة والحروب الدائرة في المنطقة وما اذا كانت حرب غزة ستتوسع إلى لبنان أو إلى مكان آخر فهذه ظروف لا يمكن اخذها بعين الاعتبار في توقع اتجاه أسعار النفط.