قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن الدولار الأميركي تداول خلال الأسبوع الماضي بالقرب من أدنى مستوياته المسجلة خلال شهر مقابل نظرائه الرئيسيين في ظل تزايد الإشارات الدالة على تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
ولا تزال الأسواق تتوقع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس هذا الأسبوع، إلا أن توقعات رفعها بمعدل أقل بمقدار 50 نقطة أساس في ديسمبر بدأت تتزايد وسط التباطؤ الذي شهده النشاط الاقتصادي مؤخرا.
وبالتوازي مع تباطؤ وتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي لسياساته النقدية وتدهور النشاط الاقتصادي، انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات مقابل أعلى مستوياتها في أكتوبر لتصل إلى 4.338%، ما زاد من الضغوط التي يتعرض لها الدولار.
وعلى الرغم من إشارة التوقعات إلى إمكانية تشديد الاحتياطي الفيدرالي لسياسته بوتيرة أقل حدة، إلا أن بيانات التضخم الصادرة يوم الجمعة أشارت إلى أن معركة كبح جماح التضخم لم تنته بعد وأن وتيرة رفع أسعار الفائدة قد تستمر لفترة أطول.
ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في سبتمبر
يواصل التضخم في الولايات المتحدة تسجيل ارتفاعات قياسية ما يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى استكمال مسار رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، إذ ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 0.3% الشهر الماضي بعد ارتفاعه بمعدل مماثل في أغسطس.
وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 6.2%، بما يتطابق مع الارتفاع المسجل في شهر أغسطس. وباستثناء العناصر المتقلبة كالمواد الغذائية والطاقة، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بنسبة 0.5% بعد أن ارتفع بوتيرة مماثلة في أغسطس.
وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بنسبة 5.1% في سبتمبر مقابل ارتفاعه بنسبة 4.9% في أغسطس.
مخاوف التضخم
تراجعت ثقة المستهلك الأميركي في أكتوبر بعد تسجيلها نموا على مدار شهرين متتاليين وسط تصاعد المخاوف المتعلقة بالتضخم وإمكانية الدخول في مرحلة من الركود الاقتصادي العام المقبل.
إذ انخفض مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن مؤسسة «كونفرنس بورد» إلى 102.5 نقطة في أكتوبر مقابل 107.8 نقاط الشهر الماضي، وبوتيرة أقل من المستويات المتوقعة البالغة 106.5 نقاط.
وكشف التقرير أن السياسات المتشددة التي اتبعها الاحتياطي الفيدرالي في رفع سعر الفائدة الفيدرالية قد بدأت في إضعاف سوق العمل في ظل انخفاض نسبة المستهلكين الذين ينظرون إلى الوظائف على أنها «وفيرة» وتزايد الآراء التي تشير إلى أن التوظيف «كان من الصعب الحصول عليه»، إلا ان التقرير كشف أيضا عن استعداد المستهلكين للإنفاق على بعض العناصر باهظة الثمن خلال الأشهر الستة المقبلة، مثل المنازل والسيارات، ما قد يوفر بعض الاستقرار الاقتصادي على المدى القريب.
انخفاض أسعار المساكن
تباطأت وتيرة نمو أسعار العقارات السكنية في الولايات المتحدة في أغسطس أكثر مما كان متوقعا وسط انخفاض قياسي في المعروض عقب تزايد الطلب بوتيرة استثنائية بعد الجائحة وندرة المواد الأساسية والزيادة القياسية في تكاليف الاقتراض.
إذ انخفض مؤشر كيس شيلر S&P Case-Shiller لتقييم العقارات بنسبة 0.9% على أساس معدل موسميا بعد انخفاضه بنسبة 0.5% في يوليو.
وارتفعت أسعار المنازل بنسبة 13.0% على أساس سنوي في أغسطس، أي بوتيرة أبطأ من الارتفاع المسجل في شهر يوليو بنسبة 15.6%.
نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث
أشارت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي الصادرة الأسبوع الماضي إلى تسجيل نمو اقتصادي مرة أخرى بالربع الثالث من العام بفضل تقلص العجز التجاري، إلا ان التقرير كشف ايضا أن الطلب المحلي وصل إلى أضعف مستوياته منذ عامين بسبب الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
بالإضافة إلى ذلك، انكمش الاستثمار في العقار السكني للربع السادس على التوالي، ما يسلط الضوء على الضغوط التي يتعرض لها القطاع في ظل ارتفاع معدلات الرهن العقاري.
وساهمت العودة لتسجيل نمو بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي على مدار ربعين متتاليين في التأكيد على أن الاقتصاد لم يكن في حالة ركود، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغت نسبته 2.6% في الربع السابق بعد انكماشه بنسبة 0.6% في الربع الثاني من العام. وكانت توقعات الاقتصاديين تشير إلى انتعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 2.4%.
«المركزي» الأوروبي
رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة مرة أخرى الأسبوع الماضي وأعلن عن تغييره لشروط تقديم القروض منخفضة التكلفة للبنوك التجارية في إطار مساعيه لخفض حجم ميزانيته العمومية المتضخمة وكبح جماح التضخم الذي وصل أعلى مستوياته التاريخية.
وقام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة على الودائع بمقدار 75 نقطة أساس أخرى لتصل إلى 1.5% وتسجل أعلى مستوياتها منذ عام 2009. وحتى يوليو الماضي، كانت معدلات الفائدة لدى البنك المركزي الأوروبي في المنطقة السلبية على مدار ثماني سنوات.
وأصدر البنك المركزي الأوروبي بيانا قال فيه: «اتخذ مجلس الإدارة قرار اليوم، ويتوقع أن يرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، لضمان عودة التضخم في الوقت المناسب إلى المعدل المستهدف البالغ 2% على المدى المتوسط».
كما أعلن البنك المركزي الأوروبي أيضا عن إدخال بعض التغييرات على شروط عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل اعتبارا من نوفمبر 2022، حيث انه بدلا من دفع متوسط سعر الإيداع السائد منذ حصول البنوك على القروض، ستقوم الآن بتسديد القروض وفقا لمتوسط سعر الإيداع السائد اعتبارا من نوفمبر 2022 حتى تاريخ الاستحقاق أو السداد المبكر.
وتهدف تلك الخطوة، كما صرحت كريستين لاغارد، إلى ضمان نقل الشروط النقدية الأكثر صرامة إلى الاقتصاد الحقيقي، بالإضافة إلى إزالة «العوائق التي تحول دون السداد الطوعي المبكر»، وهو الأمر الذي بدوره قد يسهم في تقليص حجم الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي دون الحاجة إلى الانتظار حتى شهر يونيو، وقت استحقاق سداد 1.3 تريليون يورو.