تعرضت شركة فيسبوك وتطبيقاتها الشهيرة إنستغرام وواتساب وماسنجر، لعطل غير مسبوق تسبب في انقطاع الخدمة على مدار 7 ساعات على ملايين الناس حول العالم.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» التقني المتخصّص برصد أعطال الخدمات الرقمية أنّ العطل الذي أصاب فيسبوك وتطبيقاته هو «أكبر انقطاع شهدناه حتى الآن.. فقد طال ملايين المستخدمين».

وأوضحت فيسبوك في بيان أن العطل الواسع سببه «تغيير خاطئ في إعدادات الخوادم» التي تربط من خلال الإنترنت هذه المنصّات بمستخدميها.

وأضافت أن العطل الفني تسبب «بسلسلة من المشاكل أثرت على أدوات وأنظمة كثيرة نستخدمها داخليا بشكل يومي ما عرقل جهودنا لتشخيص المشكلة وحلها».

ولكن ما الخطأ الذي حدث بالضبط ولماذا استغرق الأمر أكثر من سبع ساعات لإصلاحه؟

1 • لماذا اختفت «فيسبوك» من الإنترنت؟

أصدرت فيسبوك بيانًا قالت فيه إن سبب المشكلة هو تغيير التكوين في «أجهزة التوجيه الأساسية للشركة، والتي تنسق حركة مرور الشبكة بين مراكز البيانات الخاصة بشركة التكنولوجيا العملاقة».

قدمت شركة CloudFlare المتخصصة في الأمن السيبراني مزيدًا من التفاصيل حول ما حدث، وكشفت أن شبكة فيسبوك قد اختفت فعليًا من الإنترنت.

ويقول كبير مسؤولي التكنولوجيا في CloudFlare، جون جراهام كانينغهام: «شركة فيسبوك أجرت سلسلة من التحديثات لبروتوكول البوابة الحدودية (BGP)، مما تسبب في اختفائها عن شبكة الويب».

يسمح BGP بتبادل معلومات التوجيه على الإنترنت وينقل الأشخاص إلى مواقع الويب التي يريدون الوصول إليها.

2 • لماذا تعطل أنستغرام وواتساب وماسنجر أيضًا؟

لم تكن فيسبوك هي فقط التي أصبحت غير متصلة بالإنترنت، فقد تأثرت التطبيقات المرتبطة به مثل أنستغرام وواتساب وماسنجر أيضًا، وأبلغ بعض الأشخاص أيضًا عن مشكلات في منصة سماعات الواقع الافتراضي الخاصة بفيسبوك والتي يطلق عليها اسم Oculus.

والسبب في ذلك أن فيسبوك لديها خلفية مركزية واحدة لجميع منتجاتها وتطبيقاتها.

تدير شبكة فيسبوك أنظمتها الخاصة من خلال نفس الخوادم، مما يعني أن كل ما هو مطلوب لإصلاح المشكلة - من أدوات الهندسة الرقمية إلى خدمات الرسائل، وحتى أقفال الأبواب الرئيسية- تم قطع الاتصال بها أيضًا.

ويقول ماثيو هودجسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Element والمؤسس المشارك التقني لشركة Matrix، إن «الانقطاع يوضح ميزة وجود نظام لامركزي أكثر موثوقية لا يضع كل البيض في سلة واحدة».

وأضاف: «لا توجد نقطة واحدة للفشل حتى يتمكنوا من الصمود أمام اضطراب كبير مع استمرار تواصل الأفراد والشركات».

3 • كم عدد الأشخاص الذين تأثروا بسبب الانقطاع؟

ذكرت شبكة «داون ديتيكتور»، التي تتعقب حالات الانقطاع حول العالم، أن هذا كان أكبر تعطل لشركة فيسبوك على الإطلاق، مع تسجيل 10.6 مليون تقرير عن وجود مشاكل في جميع أنحاء العالم».

بدأت المشكلات في الساعة 16:44 بتوقيت جرينتش، مع ما يقرب من 80000 تقرير لتطبيق واتساب وأكثر من 50000 تقرير لفيسبوك، وفقًا لـ «داون ديتيكتور».

من حوالي الساعة 22:30 بتوقيت جرينتش، أبلغ بعض المستخدمون أنهم تمكنوا من الوصول إلى الأنظمة الأساسية مرة أخرى، ومع ذلك، لم يعمل فيسبوك مرة أخرى للعديد من الأشخاص إلا بعد ساعة على الأقل من ذلك.

وذكر تطبيق «واتساب» أنه عاد للعمل «بنسبة 100 في المائة» اعتبارًا من الساعة 3:30 بتوقيت جرينتش.

4 • هل يمكن أن يكون هجومًا إلكترونيًا؟

تقول صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن المثير للاهتمام أن بيان فيسبوك بعد حدوث الأعطال كان مكتوباً بعناية ولم يستبعد فرضية التلاعب، ومع ذلك، فإن احتمالية أن يكون ما حدث هو هجوم إلكتروني خارجي تبدو فرضية غير مرجحة.

يتطلب الاختراق الهائل لأحد أشهر المواقع في العالم، إما التنسيق بين الجماعات الإجرامية القوية أو تقنيات مبتكرة للغاية، ومع ذلك، فإن التخريب من قبل شخص من الداخل سيكون ممكنًا من الناحية النظرية، وفقًا لخبراء التكنولوجيا.

ما يثير الانتباه أيضًا هو أن انقطاع التيار الكهربائي أعاق قدرة فيسبوك على معالجة المشكلة، لأنه أوقف الأدوات الداخلية اللازمة لإصلاحها.

هذا يعني أن المشكلة استمرت لما يقرب من سبع ساعات، وهو أمر غير معتاد للغاية.

ويقول المتخصص في الأمن السيبراني جيك مور: «من المثير للاهتمام أن بيان فيسبوك لم يستبعد التلاعب.. مثل الأقفال الموجودة على خزنة البنك، فإن الأموال الموجودة بالداخل تكون آمنة فقط مثل الشخص الذي لديه المفاتيح».

وأضاف: «أن ذلك لم يكن بسبب هجوم إلكتروني خارجي لأن التعتيم على الويب ينشأ في كثير من الأحيان من خطأ برمجي غير مكتشف أو خطأ بشري».

5 • فهل أخطأ شخص ما داخل فيسبوك؟

هناك الكثير من الاحتمالات أنه قد يكون حادثًا وليس عملاً تخريبيًا متعمدًا.

تم الادعاء بأن أحد موظفي فيسبوك ربما يكون قد حذف عن طريق الخطأ أقسامًا كبيرة من الكود الذي يبقي الموقع على الإنترنت.

قالت شركة فيسبوك إن فرقها الهندسية قد حددت «تغييرات التكوين» في أجهزة التوجيه الأساسية الخاصة بها والتي أدت إلى توقف خدماتها.

وقالت الشركة إن هذه التغييرات تسببت في تعطيل حركة مرور الشبكة وحجب الاتصال بين مراكز البيانات الخاصة بها، كما ورد أن تصاريح عمل الموظفين والبريد الإلكتروني تأثرت بالمشكلة الداخلية.

6 • لماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً لحل المشكلة؟

عندما أصبحت منصات فيسبوك غير متصلة بالإنترنت، هرع المهندسون إلى مراكز بيانات الشركة لإعادة تعيين الخوادم يدويًا، فقط ليجدوا أنهم لا يستطيعون الدخول إلى الداخل.

وقالت مراسلة التكنولوجيا في «نيويورك تايمز»، شيرا فرنكل، لبرنامج «توداي» على قناة «بي بي سي»: «إن هذا كان جزءًا من السبب الذي جعل حل المشكلة يستغرق وقتًا طويلاً»، مضيفة: «الأشخاص الذين يحاولون معرفة ماهية هذه المشكلة لم يتمكنوا حتى من الدخول جسديًا إلى المبنى لمعرفة الخطأ الذي حدث».

ومما زاد الطين بلة، ادعى أحد المطلعين أن انقطاع التيار الكهربائي قد تفاقم لأن أعدادًا كبيرة من الموظفين لا يزالون يعملون من المنزل في أعقاب كورونا، مما يعني أن وصولهم إلى مراكز البيانات استغرق وقتًا أطول.

لم يدخل فيسبوك في الكثير من التفاصيل حول كيفية إصلاح المشكلة أخيرًا، لكن من المفهوم أنه كان على المهندسين إعادة ضبط الخوادم يدويًا حيث بدأت المشكلة.

ويقول خبير اختبار البرمجيات، آدم ليون سميث من معهد تشارترد لتكنولوجيا المعلومات: «من غير المحتمل أن تكون المشكلات ناجمة عن أشخاص يعملون من المنزل، ولكن من المحتمل جدًا أن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لاستعادة الخدمة».

7 • كم تكلفة الانقطاع؟

أثناء انقطاع التيار الكهربائي، تراجعت أسهم فيسبوك بنسبة 5 في المائة، مما أدى إلى خسائر بنحو 7 مليارات دولار من الثروة الشخصية لمؤسس الشركة مارك زوكربيرج.

قدر موقع Fortune أيضًا أن سبع ساعات من التوقف قد تكلف الشركة ما يصل إلى 100 مليون دولار من عائدات الإعلانات المفقودة.

لكن ليس فيسبوك وحده هو الذي سيخسر، فمن المحتمل أيضًا أن تكون الشركات التي تعتمد على خدماتها قد خسرت مبالغ طائلة من المال، على الرغم من عدم وجود أي تقديرات للتكلفة بالضبط حتى الآن.

وتقدر NetBlocks، التي تتعقب انقطاع الإنترنت وتأثيرها، أن الانقطاع كلف الاقتصاد العالمي 160 مليون دولار.