
منذ أن فُتح باب الالتحاق بمهنة «المثقِّف الصحي» في عام 2011، ظلت مكابدات وزارة الصحة مستمرة، لتأمين العدد الكافي من الكوادر العاملة في هذا التخصص المهم، الهادف للارتقاء بالمعارف الصحية وبناء اتجاهاتها وغرس السلوكيات المتصلة بها لدى الفرد والمجتمع.
فعلى مدى 11 عاما، تضاءل حماس المواطنين للعمل في المهنة، إذ لم يتجاوز عددهم الـ100 كادر، وسرعان ما انحسر الى نحو 75 حاليا، في ملمح يوحي بعدم إيلاء المهنة التقدير اللازم، حيث تبذل الدول من حولنا جهودا جبارة لجعلها مهنة جذابة، لما تتمع به من أهمية بالغة في المراكز والمستشفيات، نالت على إثره اعتمادا مرموقا من الأكاديمية الفرنسية.
التثقيف الصحي ليس عملا سهلا ولا عاديا، كما قد يتبادر للذهن في الوهلة الأولى، حين ينظر إليه على أنه يقتصر على إعلام الناس بأنماط الحياة الصحية الجيدة التي تساعد على الحفاظ على صحة الجميع، بقدر ما هو مهنة «تجمع بين مهنة التعليم والطب والتسويق والاعلام وعلم النفس والاجتماع ومهارات الاتصال»، بحسب مديرة إدارة تعزيز الصحة د.عبير البحوه، التي قالت لـ القبس إن وزارة الصحة «لطالما دعت المواطنين إلى التفكير في العمل فيها، في ظل التوسع الكبير في خدمات الوزارة، وكثيرا ما أوعزت لخريجي الثانوية العامة بالتفكير في التقدم لنيل شهادتها وتأهيلها»، مبينة ان الوزارة «طلبت مرارا، العمل على تطوير المنهج الدراسي والامتحانات الخاصة بتخصص التثقيف الصحي، حتى نال الاعتماد من الأكاديمية الفرنسية».
وأبعد من ذلك، أنشأت الوزارة دورة مدتها سنتان ونصف السنة، لتأهيل المتقدمين للمهنة بعد الثانوية العامة، تجرى في معهد التمريض بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، إضافة إلى التدريب الميداني. وكل ذلك لم يثمر أثرا جيدا حتى الآن، حيث يتراوح عدد العاملين تحت مسمى «مثقف صحي» في الوزارة حاليا ما بين 70 الى 75 موظفا، بعد ان كانت اعدادهم تصل الى 100، آثر بعضهم مغادرة المهنة لظروف خاصة عديدة.
من هو المثقِّف الصحي؟
ولكن من هم المثقفون الصحيون؟ وما دورهم؟ ومعايير اختيارهم؟ وأين يقع مجال عملهم؟ وما الأثر المنتظر أن يحدثوه في خريطة الصحة العامة للمجتمع؟
تقول البحوه إن المثقفين الصحيين «هم من يهتمون بصحة الانسان، بشكل متكامل، فيعالجون صحته الجسدية والنفسية والروحية والعقلية والاجتماعية والسلوكية»، وإن من اهم ما يميز عملهم انهم «يستطيعون ممارسة ذلك العمل في اي زمان ومكان، دون الحاجة الى معدات أو ادوات خاصة».
إنهم «كوادر صحية متخصصة، تم تأهيلهم وتدريبهم على تخطيط وتنفيذ برامج صحية تثقيفية لرفع الوعي الصحي والقيام بالتدخلات المناسبة، وبجميع ما تتطلبه هذه البرامج من دراسات وتسهيل الأنظمة والسياسات، بما يخدم احتياجات الفرد والمجتمع، عن طريق تطبيق نظريات ومهارات معينة، واستخدام الوسائل التعليمية المناسبة في المجال الصحي».
ومن مهمات المثقف الصحي «الترويج والمساهمة في كسب التأييد والدعم الاجتماعي والسياسي للقضايا الصحية، والتنظيم لحملات وبرامج توعوية صحية والمساهمة في تفعيلها وانجاحها في كل مجالات التثقيف الصحي والطب الوقائي وتثقيف المرضى صحيا حسب ما يقدّر من احتياجاتهم، فرديا او جماعيا، واعداد واختبار واستخدام وتقييم الوسائل التعليمية والمواد التثقيفية وتنفيذ وتطبيق البرامج بطرق مبتكرة وجذابة».
القدرة على الابتكار
ومن مهماته أيضا «التنسيق بين الجهات والمنظمات المعنية بتعليم وتثقيف المرضى، وتوثيق وتسجيل الأنشطة التوعوية ونتائجها وما تتطلبه من اجراءات، والتأكد من معايير الجودة المطبقة في عملية تثقيف المريض والحرص على احترام حقوقه وتطبيق اخلاقيات المهنة واجراء البحوث والدراسات الصحية».
وتكمن مهمة التثقيف الصحي كذلك «في الطب المساعد والوقائي ودوره في رفع مستوى الوعي الصحي للفرد والمجتمع وتبني وغرس سلوكيات صحية سليمة في الأفراد والمجتمعات، والحد من النفقات الطبية نتيجة ارتفاع الوعي الصحي للمستهلك، وكسب تأييد المجتمع وصناع القرار لمصلحة القضايا الصحية، وتبني سياسة الصحة العامة ورفع جودة الحياة اليومية وتحسينها للفرد والمجتمع».
وأبعد من ذلك، يجب «أن يتمتع المثقف الصحي بالقدرة على الإبداع والابتكار والجذب، فعمله يتنوع ما بين المكتبي والميداني، فيعمل كمعلم مباشر للمريض او لمجموعة من المرضى بعد تحويلهم من قبل الطبيب المعالج، وهذا العمل يتطلب القدرة على الإقناع والمعرفة الشاملة بما يتحدث به مع المريض، واتقان مهارات الاتصال والتعامل».
وعليه، كذلك، «ابتكار اساليب جديدة في مجال الإعلام، فيختلق طرقا مميزة تجذب انتباه الأفراد والمجتمعات، بهدف التأثير بشكل ايجابي في سلوكياتهم ومعتقداتهم الصحية، كما يجب ان يمتلك بعض المهارات التسويقية والحس الفني، ليكون قادرا على اجتذاب الجمهور لما ينتجه من وسائل تثقيفية وإرشادية».
5 معايير لاختيار الكوادر
1 - مدرّب على تخطيط البرامج الصحية وتنفيذها
2 - يتمتع بالقدرة على الإبداع والابتكار والجذب
3 - يتقن مهارات الاتصال وقادر على الإقناع
4 - مبتكر، إعلامياً، ويُحسن استخدام الوسائل التعليمية
5 - يمتلك مهارات تسويقية وحسا فنيا
من أهداف التثقيف الصحي
◄ تحسين الصحة العامة لخفض انتشار الأمراض
◄ نشر المفاهيم الصحية ورفع وعي الناس بشأنها
◄ تغيير السلوكيات الصحية الخاطئة بأخرى نافعة
◄ تزويد الناس بخبرات تحسن نوعية حياتهم اليومية