خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أمس، تصنيفها الائتماني السيادي للكويت من المرتبة «AA» إلى المرتبة «AA-» مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وقالت الوكالة إن تخفيض التصنيف الائتماني يعكس القيود السياسية المستمرة على اتخاذ القرار، والتي تعيق معالجة التحديات الهيكلية المتعلقة بالاعتماد على النفط، ودولة الرفاه السخية وقطاعها العام المتضخم.
مشيرة إلى أن هناك نقصا في التصحيح المالي الأساسي والجاد لصدمات أسعار النفط الأخيرة، وأن آفاق الإصلاح لا تزال ضعيفة على الرغم من بعض التطورات السياسية الإيجابية الأخيرة كجزء من الحوار الوطني، حيث من المتوقع تمرير قانون الدين العام خلال السنة الحالية (2022).
إقرار الدين العام
وافترضت «فيتش» أنه سيتم الاتفاق على قانون الدين العام في عام 2022، على الرغم من استمرار بعض عدم اليقين في هذا الشأن، إلا أنها أكدت على أنه «حتى بدون قانون الدين العام ستظل الحكومة قادرة على الوفاء بالتزاماتها التمويلية»، وأنه لغاية تأمين ترتيبات تمويلية جديدة، ستعتمد الحكومة على أصول صندوق الاحتياطي العام لتلبية احتياجاتها التمويلية الإجمالية.
وأشارت «فيتش» إلى أن الحكومة قامت بسحب الجزء الأكبر من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام خلال السنوات 2020-2021، مما دفعها إلى بيع الأصول غير السائلة فيه إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وقالت «لم يتم الكشف عن المستوى الحالي للأصول السائلة في صندوق الاحتياطي العام، على الرغم من أن الحكومة أشارت إلى أنها تغطي أكثر من استحقاق السداد السيادي البالغ 3.5 مليارات دولار في مارس المقبل، وأن الاحتياطي العام لا يزال يمتلك أصولا غير سائلة واسعة النطاق يمكن بيعها بسرعة إلى احتياطي الأجيال إذا لزم الأمر».
وتطرقت «فيتش» إلى أن الحكومة اقترحت قانونا يسمح بالاستفادة من دخل الاستثمارات الحكومية المتحققة في صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وفقا لسقف سنوي ومعايير معينة لم يتم الانتهاء منها بعد، وفي الوقت الحالي، لا تستطيع الحكومة الوصول مباشرة إلى أصول صندوق الأجيال القادمة دون موافقة مجلس الأمة. وأشارت الوكالة إلى أن القانون المقترح يعتبر أداة تمويلية إضافية مهمة، ومن المتوقع أن يواجه مناقشات برلمانية أكثر من قانون الدين العام.
ورجحت «فيتش» أن تبقى الأوضاع المالية والخارجية للكويت من بين أقوى الدول التي تصنفها الوكالة، وذلك على الرغم من التقلبات الحادة في أسعار النفط منذ عام 2014، والجمود السياسي المتكرر.
تقلص عجز الموازنة
وقالت «متوقع أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار إلى ما نسبته 500% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين جميع الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة وعشرة أضعاف متوسط أقرانها في التصنيف (AA)».
وتوقعت الوكالة أن يتقلص عجز الموازنة العامة (بعد إضافة دخل الاستثمارات الحكومية) إلى ما نسبته 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2022/2021 مقارنة بما نسبته 20.6% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/2020، وذلك لارتفاع أسعار النفط.
يأتي ذلك بالإضافة إلى توقعات بأن تكون المصروفات الحكومية الفعلية أقل من المصروفات المعتمدة في الموازنة العامة للسنتين الماليتين 21/2022 و22/2023، وذلك نتيجة ضبط الإنفاق العام، وأن يتسع عجز الموازنة العامة (بعد إضافة دخل الاستثمارات الحكومية) إلى ما نسبته 2.4% و5.7% من الناتج المحلي الإجمالي في السنتين الماليتين 2022 /2023 و2023 /2024 على الترتيب، مدفوعا بتراجع أسعار النفط، واستمرار ضغوط الإنفاق الحكومي، فيما لايزال التقدم في الإصلاحات المالية محدودا.
وأشارت الوكالة الى أنها لا تتوقع تطبيق ضريبة القيمة المضافة (VAT) في السنتين الماليتين 2022 /2023 و2023 /2024.
وتطرقت الوكالة إلى منهجية وزارة المالية في إعداد التقارير المالية، متوقعة أن يصل عجز الموازنة العامة (بدون حساب دخل الاستثمارات الحكومية)، إلى ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي (4.3 مليار دينار) في السنة المالية 21/2022، وأن يصل متوسط العجز المتوقع إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنتين الماليتين 2022 /2023 و2023/2024.
ويتوافق هذا مع الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صندوق احتياطي الأجيال القادمة يحتفظ بدخل الاستثمارات الحكومية، وهذا يؤكد الحاجة إلى الاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة على تمرير قانون الدين العام أو السماح بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
ارتفاع أسعار النفط
وذكرت «فيتش» أن استمرار ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يحد من الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة للدولة، ومن المتوقع أن تبلغ أسعار سلة خام برنت السنوية نحو 70 و60 دولارا للبرميل في عامي 2022 و2023 على الترتيب، كذلك من المتوقع أن يرتفع متوسط إنتاج النفط الكويتي من مستواه الحالي البالغ 2.5 مليون برميل يوميا إلى نحو 2.7 و2.8 مليون برميل في اليوم بالسنتين الماليتين 2022 /2023 و2023 /2024، بما يتماشى مع اتفاقية «أوپيك+».
وأكدت أن نتائج الموازنة العامة للكويت تعتبر شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار النفط وإنتاجه، حيث إن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل (صعودا أو هبوطا) عن مستوى الافتراضات الأساسية من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي (صعودا أو هبوطا) مع ثبات العوامل الأخرى، كما أن تغير إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يوميا (صعودا أو هبوطا) من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي (صعودا أو هبوطا).
نطاق الخطر
بشأن حساسية التصنيف، رصدت وكالة «فيتش» أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر سلبا وبشكل فردي أو جماعي، على التصنيف الائتماني السيادي عبر محوري السمات الهيكلية والمالية العامة كالتالي:
1 ـ السمات الهيكلية: استمرار استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام في ظل عدم تمرير قانون جديد للدين العام، أو تشريع يسمح بالنفاذ إلى أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة، أو قيام الحكومة بتدابير استثنائية لضمان استمرارها في الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، خدمة الدين.
2 ـ المالية العامة: التدهور الكبير في متانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.
طوق النجاة
حددت «فيتش» في بيان لها أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر إيجابا بشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي للكويت مرتكزة على محورين رئيسيين هما السمات الهيكلية والمالية عامة، حيث ترى من خلالهما وجود دلائل على أن كلا من المؤسسات والنظام السياسي في الكويت قادر على مواجهة التحديات المالية طويلة الأجل من خلال تنفيذ خطة واضحة للحد من العجز في الموازنة العامة بحيث تستطيع الصمود أمام انخفاض أسعار النفط، كما أن من العوامل الأخرى التي قد ترفع من التصنيف الائتماني تبني الحكومة استراتيجية تمويلية واضحة ومستدامة.
50 % من الناتج المحلي ديون.. على المدى المتوسط
أشارت الوكالة إلى أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة جدا، ومن المتوقع أن تنخفض إلى ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/2022، وأن ترتفع هذه النسبة إلى 50% على المدى المتوسط.